حمادة فراعنة
ما تمارسه
المستعمرة الإسرائيلية بحق الشعب الفلسطيني من جرائم وانتهاكات وقتل وتدمير، منذ
عام النكبة 1948، ما زالت تمارسه، بكل وقاحة، في قطاع غزة بشكل خاص، وعلى امتداد
خارطة فلسطين بشكل عام، وخاصة في منطقة النقب البدوية، والفرق بين ممارساتها
وجرائمها عام 1948، و نفس جرائمها عام 2023، هو الصورة، المشهد، الكاميرا، وسائل
الاتصال.
ففي ممارسات
وجرائم 1948 لم تكن الكاميرا متوفرة إلا ما ندر، بينما في قطاع غزة والنقب عام
2023، الكاميرا حاضرة لنقل جرائم القتل والتدمير بشكل مباشر.
معالجة
المجتمع الدولي، وعبر الأمم المتحدة تمت لمعالجة مشكلة اللاجئين وما تعرضوا له عام
1948، تم من خلال قرار الجمعية العامة رقم 302، المتضمن تشكيل هيئة الأمم المتحدة
لإغاثة وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين، وهذا يشير إلى ان المعالجة تمت باعتبار قضية
اللجوء والتشريد والطرد من وطنهم قضية إنسانية غير سياسية، من خلال توفير: الإغاثة
والتشغيل، بينما المعالجة الحالية لمشكلة جرائم الاحتلال ضد الشعب الفلسطيني بقرار
الجمعية العامة هو عبر الاعتراف بالدولة الفلسطينية بأغلبية 143 صوتاً ضد 9 أصوات
فقط، باعتبارها قضية سياسية بامتياز، بدون أن تقفز أو تتعامى عن المعاناة
الإنسانية من هول وحجم المأساة التي تواجه الفلسطينيين في قطاع غزة.
قضية النكبة
واللجوء، قضية نصف الشعب الفلسطيني، ولهم القرار 194 الصادر يوم 11/12/1948، الدال
على حق عودة اللاجئين إلى المدن والقرى التي طُردوا منها، واستعادة ممتلكاتهم منها
وفيها وعليها، بينما الجزء المتبقي الصامد على كامل خارطة فلسطين، وهم نصف الشعب
الفلسطيني، لهم القرار 181 الصادر يوم 29/11/1947، وبذلك تكتمل وجهة نظر الأمم
المتحدة لطرفي ونصفي الشعب الفلسطيني وحقوقهما بالقرارين 181 و194، وهما أساس
المعالجة الدولية للحل الواقعي للصراع بين المشروعين: الوطني الديمقراطي الفلسطيني
في مواجهة الاستعماري التوسعي الإسرائيلي، وأقول عنهما «الحل الواقعي» وليس كما
تدعي الأطراف الدولية الصديقة أن حل الدولتين هو «الحل العادل والشامل»، فالعادل
غير الواقعي، والعادل الحالي لا تتوفر له الأسس للتحقيق، فالعادل هو إزالة كافة
مظاهر الوجود الاستعماري التوسعي الإسرائيلي عن كامل خارطة فلسطين، بينما الواقعي
هو الوصول إلى حلول عملية واقعية تعكس موازين القوى، التي ما زالت لصالح المستعمرة
الإسرائيلية، إلى هذا الوقت.
التضامن
والدعم والإسناد والتعاطف المستجد من قبل طلبة الجامعات الأميركية والأوروبية هو
التحول ذات الطابع الاستراتيجي المستقبلي لصالح فلسطين وقضيتها وحقوق شعبها،
وتعرية وكشف حقيقة المستعمرة والتضليل المتعمد الذي كان يرافقها بدعم وإسناد
البلدان الاستعمارية القديمة الأميركية الأوروبية، وهو تحول ستكون له آثاره على
سياسات هذه البلدان بسبب احتجاجات طلبة جامعاتها، بالوعي والنضج الظاهر على
احتجاجات الجامعات الأميركية والاوروبية ضد سلوك المستعمرة وجرائمها وضد تأييد
ودعم بلدانهم للمستعمرة الإسرائيلية.
النكبة وما
سببته من وجع وآلام للفلسطينيين مع التشرد واللجوء والفقر شكل الحوافز للنضال
المتراكم الذي سيصل حتماً إلى هزيمة مشروع المستعمرة وانتصار مشروع فلسطين بالعودة
والحرية والاستقلال.
الشعب الفلسطيني يدفع ثمن حريته واستقلاله وحقه في عودته واستعادة وطنه الذي لا وطن له غيره، ولهذا سينتزع حقوقه بفعل هذا النضال وهذه التضحيات وتتويجها بالانتصار.
الدستور