كشفت مصادر عبرية أن رئيس أركان جيش الاحتلال الإسرائيلي، إيال زامير، وبالتنسيق مع جهاز "الشاباك”، أصدر تعليمات رسمية لوقف نشاط ميليشيات "أبو شباب” وطرد عناصرها من المناطق التي تنتشر فيها، في خطوة وصفها المراقبون بأنها إجراء استباقي لضبط الميدان قبل دخول المرحلة الثانية من اتفاق وقف إطلاق النار حيز التنفيذ، والتي تشمل انسحاب القوات الإسرائيلية إلى ما يُعرف بـ "الخط الأحمر”.
وتشير التقارير إلى أن ميليشيات "أبو شباب” أصبحت خلال الأشهر الماضية مصدر إرباك ميداني وإحراج سياسي وأمني للاحتلال الإسرائيلي، بعد تورطها في عمليات اعتداء ونهب وانتهاكات ضد المدنيين الفلسطينيين، ما أثار انتقادات داخل إسرائيل وخارجها، وأظهر مدى صعوبة السيطرة على هذه المجموعات المسلحة الموازية للجيش الرسمي.
وتعتبر المؤسسة الأمنية الإسرائيلية أن استمرار نشاط هذه الميليشيات خلال المرحلة المقبلة سيقوّض ترتيبات الانسحاب ويؤثر على صورة "السيطرة الأمنية” التي تحاول إسرائيل تسويقها دوليًا، ما يجعل تعليمات زامير خطوة لتجنب الفوضى والمساءلة الدولية المحتملة.
على الجانب الفلسطيني، تحظى ميليشيات "أبو شباب” برفض شعبي واسع، ويُنظر إليها على أنها أداة استخدمها الاحتلال لإرهاب المدنيين ونهب ممتلكاتهم خلال الحرب الأخيرة. وأكد ناشطون فلسطينيون أن هذه المجموعات لا تمثل أي جزء من المجتمع الفلسطيني، بل تعتبر امتدادًا للميليشيات العميلة السابقة التي اعتمد عليها الاحتلال لأغراض أمنية وسياسية، وفق "شهاب”.
ويشير محللون إلى أن مصير ميليشيات "أبو شباب” سيكون مشابهًا لجيش لحد اللبناني الذي انهار فور انسحاب الاحتلال الإسرائيلي من جنوب لبنان عام 2000، بعد فقدان الغطاء الإسرائيلي ورفض المجتمع المحلي لها. ومن المتوقع أن تتفكك هذه المجموعات سريعًا بمجرد سحب الدعم العسكري، نظرًا لغياب أي حاضنة شعبية أو شرعية اجتماعية أو سياسية داخل المجتمع الفلسطيني.
ويؤكد مراقبون أن هذه التطورات تكشف عن
ازدواجية سياسة الاحتلال الإسرائيلي، الذي يسعى من جهة لضبط الانسحاب العسكري
وتهيئة الظروف للمرحلة التالية، ومن جهة أخرى يعتمد على ميليشيات عميلة لإشاعة
الخوف والسيطرة على المدنيين الفلسطينيين. وفي الوقت نفسه، تعكس ردود الفعل
الفلسطينية إصرار المجتمع على رفض أي أدوات قمعية جديدة تفرض من الخارج، والتشبث
بحقوقه الوطنية والمجتمعية.
وتشير المعطيات إلى أن تعليمات الجيش الإسرائيلي بوقف نشاط ميليشيات "أبو شباب” هي محاولة لتخفيف الضغوط الدولية والمحلية، لكنها لن تغيّر واقع الرفض الشعبي الفلسطيني لهذه الجماعات، والذي سيبقى حجر عثرة أمام أي مشروع إسرائيلي لفرض السيطرة عبر أدوات غير شرعية داخل قطاع غزة.



