شريط الأخبار

رفيق نصر الله: فلسطين المستقبل، نضال مستمر ودولة قادمة رغم التحديات

رفيق نصر الله: فلسطين المستقبل، نضال مستمر ودولة قادمة رغم التحديات
كرمالكم :  

رفيق نصر الله: فلسطين المستقبل، نضال مستمر ودولة قادمة رغم التحديات

الإعلام العربي لم يعد السلطة الرابعة ، بسبب غياب التخصص والاحترافية

أبوظبي - أكد الإعلامي اللبناني رفيق نصر الله أن ما تمر به المنطقة اليوم مخطط يعود للعام 2003 يستهدف المنطقة والمقاومة، مشددا أنه لإحياء القومية العربية اليوم لا بد من تجديدها بصيغ حداثوية تتمثل في مشروع اقتصادي وثقافي رؤيوي لما بعد العولمة، ونهج علمي وتربوي حتى نبني جيلًا تقنيًا وعلميًا مثل نماذج التعافي التي شهدناها عالميًا.

جاء ذلك ضمن حلقة حوار برنامج «الجوهر» للتدريب الإعلامي، الذي تنظمه أكاديمية لوياك للفنون لابا،  حيث قدّم نصر الله شهادة شخصية ومهنية تناولت مسيرته الإعلامية الطويلة في محطة أبو ظبي التلفزيونية ثم في بيروت على مدى 51 عاما جسدت مسيرته المهنية الثرية في العمل الإعلامي والسياسي، لمجموعة من المشاركين من لبنان وسوريا وفلسطين، بإدارة الإعلامي اللبناني زافين قيومجيان الذي قدم لهم ورشة تدريب إعلامي على مدى أيام في بيروت لتأهيلهم لإجراء الحوار.

شارك في الحوار تسعة متدربين هم إبراهيم قازان، دانيا موسى، هبة نور الدين، علي سيف الدين، فادية قمحية، أحمد العمر، علاء الدين سكر، بهاء جمال، ربيع كباره.

انفصام في الهوية

رداً على سؤال من المشارك إبراهيم قازان حول دور المقاومة وموقعها في الداخل اللبناني في ضوء متغيرات الساحة الداخلية والإقليمية أوضح رفيق نصر الله أن النقاش حول ما يجري في المنطقة يجب أن يكون استراتيجيًا، لا مجرد ردود فعل، لأن لبنان جزء من تحولات كبرى تُعيد رسم خرائط النفوذ. والمخطط الجاري يعود إلى 2003. وقال شهدت في قريتي حولا 1948 اجتياحًا إسرائيليًا للقرى الجنوبية وتم تسليمنا إلى مخيمات اللاجئين. منذ ذلك الحين، ظهر انفصام في الهوية في الدولة اللبنانية: جزء لا يتعاطى مع القضية الفلسطينية، وجزء آخر له انتماءات عروبية، خاصة بعد تجربة عبد الناصر.

وأضاف أن هذا الانقسام العميق في لبنان، يعود لما قبل 1982 وصولا لفترة الاستقلال، يكشف الأسباب؛ من واقعة صخرة الروشة الأخيرة إلى الانقسامات اليومية في البرلمان، ويعكس اختلاف المواقف تجاه القضية الفلسطينية والمقاومة، علما بأن المقاومة نشأت بسبب غياب الدولة الوطنية العادلة، مضيفا أن المقاومة في الحرب الأخيرة لم تكن مستعدة لمعركة كبيرة مسبقًا. أما حول طبيعة ودلالات دعم إيران للمقاومة أكد نصر الله أنه كان حقيقيًا لكنه لا يعني أن لبنان بأكمله تحت سيطرتها، مشددا أن المقاومة تقاتل وفق مصالح وطنية وعربية، في مواجهة إسرائيل وأمريكا.

 وعي سياسي مبكر

 وتعقيبا على سؤال المشاركة دانيا موسى حول جوانب من نشأته قال نصر الله: ولدت في حولا بعد أن تزوج والدي صغيرًا، ونشأت في بيئة وطنية مفعمة بالوعي السياسي. منذ الطفولة، كنت أسمع عن المجازر الوطنية، وأتفاعل مع صور جمال عبد الناصر في المنزل، في سن السابعة، شاركت في احتجاجات رمزية على بوابة شاتيلا ضد التدخل الأمريكي، وتعرضت للضرب وفقدت حقيبتي، لكن دعم والدي ساعدني على تجاوز الموقف. لاحقًا، بعد انتقالي إلى أبوظبي عام 1975، ومع دعم الشيخ زايد للإعلاميين العرب المناهضين لإسرائيل، تعززت لدي القيم القومية والعروبية.

صوت لبنان العربي

وتعقيباً على سؤال المشارك علاء الدين سكر حول تجربة "صوت لبنان العربي" كأول تجربة في الإذاعة  بعد اجتياح 82 قال نصر الله: كنت أعمل مذيعًا في قناة أبوظبي، وعندما جاء اقتراح إنشاء تلفزيون لبنان العربي، توليت مهام مدير الشؤون السياسية بالإذاعة، وأطلقنا البث قبل الاجتياح الإسرائيلي بيومين. قدّمت برنامج "كلمات للأرض والوطن" وكتبت بعض المسرحيات مثل "الشهيد ابن البلد" وحصلت على جائزة افضل نص في مهرجان دمشق.

وأضاف : كان صوتي يمثل المقاومة، مع شعارات صارخة مثل "لن تدخلوا بيروت.. ستموتون تحت شبابيك المدينة التي لا تموت"، وانتشرت على الجدران والآليات العسكرية. وكتبت شخصيات مثل "ابن البلد" لأحمد الزين لتجسد نبض الشارع والثورة، مستوحاة من كتابات محمد الماغوط.

هذه التجربة المهنية والسياسية اضطرتني لدفع ثمن مواقفي، فهناك دول عربية وإقليمية أُمنع من دخولها أو منابرها الإعلامية حاليا ، لكنها شكلت جزءًا من مسؤولياتي وخبرتي التي حملت صوت بيروت في أصعب فترات مقاومة الاحتلال.

حرب الإسناد

وحول سؤال للمشاركة هبة نور الدين حول حرب الإسناد ودور الإعلام الراهن في تغطيتها قال نصر الله:

"تغطيات حرب الإسناد كانت انعكاسًا لمنطقين متعارضين: معادٍ ومع المقاومة، والإعلام اللبناني يعاني من انقسامات وهواجس وانتماءات، ويقصر في نقل الأحداث الميدانية، سواء حرب الإسناد أو غزة، مقارنة بالقنوات الأخرى".  وأوضح أن الإعلام القديم اتسم بالمصداقية والحرفية والرصانة، بينما الحالي يعاني من صبيانية وضعف ثقافي وسياسي، يعكس تقليدية التعليم الإعلامي وغياب التدريب العملي.

وعبر عن إعجابه بنموذج من الشباب الواعد هو محمد فرحات لشجاعته وقدرته على الارتجال أمام الكاميرا.

حرب أهلية!

وردا على سؤال المشارك بهاء جمال حول توقعاته بنشوء حرب أهلية جديدة في لبنان قال نصر الله: أسباب الحرب في لبنان تشمل الانقسام الداخلي العميق، والتدخلات الإسرائيلية، والبعد الطائفي، وضعف الطبقة السياسية، وتأثير وسائل التواصل والثقافة الشعبية. ولهذا هي واردة.

وتعقيباً على سؤال المشارك علي سيف الدين حول طبيعة المراجعة الحتمية الواجبة من الأجيال الجديدة بالنسبة للصراع العربي الإسرائيلي قال: من الصعب الحكم ونحن في خضم حرب وجودية وقد تؤدي إلى ضياع جزء من البلد. المشكلة أننا لا نمتلك القدرة على التفكير الإبداعي ما يجعل القوى الحزبية الراهنة دون مستوى المواجهة.

عبد الناصر صوت العرب

وتعقيبا على المشارك أحمد العمر حول محور الناصرية وتأثيرها قال نصر الله: تأثّرتُ بالناصرية لأنها قدّمت مشروعًا تقدمياً وعروبياً: مقاومة الاستعمار، تحرير فلسطين، استقلال داخلي، ومكونات اشتراكية ترافقها كاريزما قيادية جعلت كلام عبد الناصر يهزّ الشوارع. كانت ثرية ثقافيًا، مسرحًا، أغنية، صحافة ملتزمة، وقدمت ذروةً من الوعي العام، قبل أن يبدأ الانحدار الثقافي فيما بعد.

ولإحياء القومية العربية يجب تحديثها بمشروع اقتصادي وثقافي لما بعد العولمة، ونهج علمي وتربوي يبدأ من التعليم المبكّر لنبني جيلًا تقنيًا وعلميًا مثل نماذج عالمية كاليابان. وعلى الشباب أن يقرأ ويشاهد الوثائقيات ويطالب بوسائل إعلام جديدة تعبّر عن طموحاته؛ فبديل الفراغ الأيديولوجي ليس الدين المؤدلج بل مشروع حداثي يمنح الأمة أفقًا مستقبليًا.

سلطة بلا سلطة

وفي إجابته على المشاركة فادية قمحية من فلسطين حول ما إذا لا يزال الإعلام سلطة رابعة أجاب نصر الله قائلا: الإعلام فقد سلطته، بسبب سيطرة المزاجية وغياب التخصص والاحترافية، فضلًا عن التأثير المتصاعد لوسائل التواصل التي منحت لكل شخص إمكانية البث المباشر دون قواعد أو مصطلحات معتمدة. أما الإعلامي الشاب اليوم، فاختياره للمنصات الحديثة يعكس اختلاف الثقافة والتقنيات، لكنه يواجه تحديًا كبيرًا في الاستقلالية، خصوصًا في ظل سيطرة أصحاب المحطات وأهوائهم، أما الحملات الرقمية فبدأت تؤثر جزئيًا على الرأي العام العربي، لكنها محدودة الأثر مقارنة بما يمارسه الغرب.

فلسطين حقيقة

وفي تعقيبه على المشارك ربيع كباره يرى رفيق نصر الله أن الإعلام لن يكون أداة تغيير فعّالة من دون رؤية إيديولوجية واضحة ودولة قوية ومؤسسات مستقرة، ويجب على الجيل الجديد الابتكار لتغيير الواقع. وحول مستقبل فلسطين، أكد أن الدولة الفلسطينية ستقوم رغم احتمالية التصعيدات العسكرية والإقليمية.

وحذر الجيل الجديد من تقنيات الذكاء الصناعي، لأن العالم لم يتهيأ بعد لمواجهة السيطرة التكنولوجية، مشددا أن الفرصة تكمن في المشاركة الفاعلة في إنتاج التقنية لا الاكتفاء بالاستهلاك.

مواضيع قد تهمك